المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

المقر: لندن - المكتب الاقليمي: القاهرة

مقالات

إحترام التخصص

مشعل الفدغوش

مما لاشك فيه بأن كل صاحب إختصاص ومهنة لا يقبل ولا يحبذ دخول غير المتخصص إلى مهنته بإعتباره غير متقن فمثلا لا يقبل أهل الفقه أن يتصدّر الإفتاء غيرهم وكذلك علماء الطب وغيرها من العلوم والمعارف لأنهم يعتبرون ذلك تطفلا على المهنة، وتضليلا للمتلقي وخوض في غير اختصاص ولكن الحقيقة المهمة والتي يغفل أو يتغافل عنها الكثير من أهل العلم إنهم لا يقبلون أو يتقبلون فكرة الفرق بين النقاش لزيادة المعرفة والثقافة وممارسة العمل ميدانيا كل حسب مجاله واختصاصه ومن المهم معرفة التفاوت بالقدرات والامكانيات التي يهبها الله لكل إنسان مثل ( فوة الحفظ ، عمق الفهم ، وسرعة البديهة) كما الابداع بالهوايات كالرسم ، الألعاب الرياضية ، كتابة الشعر ، السرد القصصي ) فهذه مواهب من الله سبحانه وتعالى يرزقها البعض وتصقل بالممارسة والتجربة ويتم إحترافها عن طريق الإحتكاك بأهل الخبرة والتخصص.

وقد سُنّت القوانين لتنظيم الاختصاصات وللحيلولة دون وقوع أضرار فمن يمارس الطب بغير تخصص قد يتسبب بضرر الغير من خلال اعطاء الوصفات الخاطئة وعلى ذلك يتم القياس في شتى التخصصات التي لها علاقة مباشرة على النفس البشرية حتى وإن إحترف الموهوب المهنة من غير تخصص، كما لايفوتنا ان ننوه انه قد تقع اخطاء من أهل التخصص أنفسهم ولكنها تكون بلاشك أقل عدداً وضرراً.

من غيرهم والأهم من ذلك أنها تقلل فرص العمل لأصحاب التخصص مما يضطرهم للعمل بمجالات غير مجالهم مما يؤثر على أصحاب التخصصات الأخرى وقال تعالى : ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
ليكون الناس على بيِّنة من هذه التخصصات حتى يلجؤوا لها عند الحاجة، أو لترجيح قول صاحب التخصص عند التعارض ..

وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله تعالى: لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.

الوجة الآخر من معضلة ( عدم إحترام التخصص ) إذا عمل طبيبٌ مثلًا في مجال التجارة، وهو مجال بعيد كل البعد عن تخصصه، فالطب والتجارة مجالان مختلفان، وبعيدان كل البعد عن بعضهما. فهو محتاج لدراسة كيفية عمل مشروع، وكيفية الحصول على رأس مال، واختيار المجال المناسب للتجارة، وعمل دراسة جدوى وغيرها وقس على ذلك بقية التخصصات العلمية ونقيضها من الأعمال المهنية والحرفية !!

سيبدو الأمر ليس بهذه الصعوبة أو التعقيد فالعمل لا يتطلب سوى معرفة عامة بكيفية استخدام الحاسوب وإتقان لغة أجنبية وتزوِّد الإنسان بالكثير من المهارات، ومنها: إتقان اللغة التي تمارسها، والتواصل المباشر مع أهل تلك اللغة، وتنظيم الوقت، والسرعة في أداء العمل !!

ومن حججهم في مساوئ العمل في دائرة التخصص : أنك لا تتقن سوى مجالك، وتصبح الخيارات أمامك محدودة، أو منعدمة، خاصة إذا نَدُر المجال أو تعطل سوقه .

عباقرة برعوا في غير مجال التخصص: الشاعر المصري إبراهيم ناجي كان في الأصل طبيبًا، واشتغل في الطب فترة ثم اتجه إلى الأدب والشعر، وانضم إلى مدرسة أبواللو الشعرية.

الكاتب العراقي المعاصر أحمد خيري العمري يعمل طبيبَ أسنان، واتجه كذلك إلى الكتابة في الفكر والعقيدة الإسلامية.

وأمثلة من الغرب من جهة أخرى :

“آرثر كونان دويل” Arthur Conan Doyle كاتب سلسلة الروايات البوليسية الخيالية الشهيرة للمحقق “شرلوك هولمز” Sherlock Holmes والذي كان يعمل طبيبًا. وتعد رواياته تلك معلما بارزًا في الأدب البوليسي.

الطبيبة “ليزا زينب كيلينجر” Lisa Zaynab Killinger والتي اعتنقت الإسلام سنة 1979م، وتقوم الآن بإلقاء محاضرات عن الإسلام بصفة عامة وحقوق المرأة في الإسلام بصورة خاصة.

اعمل في مجالك أو غيره ولكن المهم أن تتقن ما تقوم به وتخلص فيه ..
وقال من لاينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى :
” إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ” وقد ورد في الأثر: “لو تعلقت همة أحدكم بالثَّريا لنالها” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى