شولتس: لا يمكن لبلد في حالة حرب أن ينضم للناتو ولا حاجة لمناقشة ذلك مجددا
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن لا حاجة لاتخاذ قرار جديد بشأن عضوية أوكرانيا في “الناتو” مشيرا إلى أن القرار اتخذ سابقا وأن بلدا في حالة حرب لا يمكنه أن يصبح عضوا في الحلف.
وقال شولتس في مقابلة مع قناة “ZDF” التلفزيونية: “لقد اتخذنا قرارا في قمتي فيلنيوس (في العام الماضي) وواشنطن (هذا العام) وقمنا بتوصيف منظور (حول عضوية أوكرانيا في المدى البعيد)”.
وأضاف: “أعتقد أنه لا توجد حاجة لاتخاذ قرار جديد الآن”.
وتابع: “من المهم جدا أن ندرك أنه لا يمكن لبلد في حالة حرب أن يصبح عضوا في حلف الناتو، والجميع يعرف ذلك، ولا يوجد خلاف حول هذا الأمر”.
وأوضح شولتس أن “الدعوة إلى حلف الناتو عادة ما يتبعها انضمام سريع للغاية”.
ويواجه رئيس النظام الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي مشكلة كبيرة في قبول “الناتو” انضمام أوكرانيا إليه، ولاسيما بعد إعلان أعضاء رئيسيين في الحلف رفضهم القاطع لانضمام كييف.
ويأتي ذلك بعد إعلان زيلينسكي “خطة النصر” التي تعتمد بالأساس على “دعوة فورية” للانضمام إلى التحالف، لكن العواصم الرئيسية مترددة، وعلى رأسها ألمانيا والولايات المتحدة، اللتان تبطئان عملية حصول زيلينسكي على “دعوة فورية” للانضمام إلى الحلف، وفقا لأربعة مسؤولين ودبلوماسيين من الولايات المتحدة وحلف “الناتو”، نقلت تصريحاتهم صحيفة “بوليتيكو” بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وفي “خطته للنصر” طلب زيلينسكي “دعوة فورية”، لكنه اعترف، في الوقت نفسه، بأن الانضمام الفعلي إلى التحالف لن يكون ممكنا إلا بعد انتهاء “الحرب” مع روسيا. وأصر الرئيس المنتهية ولايته منذ مايو المنصرم على أنه أمر “ضروري لأوكرانيا” أن تتلقى تلك الدعوة “أثناء الحرب”. لكن أعضاء رئيسيين في التحالف يشعرون بالقلق من الوقوع في حرب مع روسيا.
وقد أعربت عن هذا الرأي مبعوثة الولايات المتحدة لدى “الناتو” جوليان سميث، في مقابلة لها مع “بوليتيكو”، حيث قالت: “لم يصل الحلف حتى الآن إلى النقطة التي يصبح فيها مستعدا لعرض العضوية أو دعوة أوكرانيا”.
واعترف زيلينسكي بأن المستشار الألماني أولاف شولتس، حيث ألمانيا أحد الموردين العسكريين لأوكرانيا، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، لن يدعمه في “الدعوة الفورية” إلى حلف “الناتو”.
وقال زيلينسكي للصحفيين في وقت سابق من هذا الأسبوع: “لدي علاقة جيدة للغاية مع شولتس، وأنا ممتن لمساعدته، حيث تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية من حيث الدعم، إلا أن حقيقة تشكك الجانب الألماني في انضمامنا إلى (الناتو) هي واقع، وسيتعين علينا جميعا العمل كثيرا مع الجانب الألماني، إلا أن للولايات المتحدة تأثيراً عليها”.
وتشير صحيفة “بوليتيكو” إلى أن ألمانيا والولايات المتحدة ليستا الدولتين الوحيدتين اللتين تعرقلان الدعوة، فهناك هنغاريا وسلوفاكيا، برغم انطلاقهما من نقاط مختلفة. إذ يتبنى الشعبويان اللذان يحكمان البلدين خطا مؤيدا للكرملين بشكل عام، على حد تعبير “بوليتيكو”، فيما يحظر رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان تمويل الاتحاد الأوروبي لتسليح أوكرانيا، وينسحب من برنامج حلف “الناتو” لإرسال المساعدات الفتاكة إلى كييف، ووصف أوربان خطة زيلينسكي بأنها “أكثر من مرعبة”.
من جانبه، حذر رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو في وقت سابق من الشهر الجاري من أن السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى “الناتو”، سيكون “سندا جيدا لحرب عالمية ثالثة”، وتعهد “بعدم الموافقة على ذلك أبدا”.
وأشارت “بوليتيكو” نقلا عن مصدر لها إلى أن هناك دولا أخرى في الحلف ليست راغبة في التحرك بسرعة بناء على طلب كييف، لكنها راضية بالاختباء في الظل، مثل بلجيكا وسلوفينيا وإسبانيا حيث “تختبئ وراء الولايات المتحدة وألمانيا، وتعرب عن ترددها في البت بهذه القضية”.
فيما قال مصدر ثان للصحيفة إن هذه الدول “ربما تدعم الفكرة نظريا، إلا أنها ستبدأ برفض الفكرة بشكل أكثر علنية بمجرد أن تقترب هذه الفكرة من التحقق”، وهو ما يضع هذه الدول في خلاف مع دول مثل دول البلطيق وبولندا، الأكثر حماسة.
وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، خلال قمة زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إن بولندا “تؤيد فتح آفاق (الناتو) أمام أوكرانيا”، وتابع: “نحن متضامنون مع أوكرانيا بهذا الصدد”.
لكن هذه الدول الأصغر حجما مضطرة إلى إفساح الطريق للجبهة الموحدة بين برلين وواشنطن.
وقد قال شولتس للصحفيين، خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى برلين الأسبوع الماضي: “نحن على يقين أن حلف (الناتو) لا يمكن أن يصبح طرفا في الحرب، حتى لا تتحول هذه الحرب إلى كارثة أكبر بكثير”.
ومع ذلك، فإن مصادر الصحيفة سعت إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة وألمانيا لا تستبعدان انضمام أوكرانيا في نهاية المطاف إلى التحالف.
وكان موقف إدارة بايدن منذ فترة طويلة هو أن الانضمام إلى حلف “الناتو” سوف يحدث بعد انتهاء “الحرب”، إلا أنها لم تحدد أي جدول زمني “لتجنب إثارة غضب الزعيم الروسي فلاديمير بوتين” على حد تعبير “بوليتيكو”.
وفي حين ساعد بايدن على تنشيط وتوسيع حلف “الناتو، وبينما تعدّ الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، فإن إدارته تعتقد أيضا أن معظم العواصم الأوروبية لن تدعم تحرك حلف “الناتو” في الأمد القريب، لدعوة أو إضافة أوكرانيا، وفقا لمسؤول أمريكي كبير، وتابع أن أي عرض مستقبلي من حلف “الناتو” سيكون مرتبطا أيضا بالإصلاحات المطلوبة لمكافحة الفساد داخل أوكرانيا.
ولم يبد البيت الأبيض أي مفاجأة إزاء احتمال قيام زيلينسكي بتصعيد حملة الضغط للحصول على التزام بشأن حلف “الناتو” قبل الانتخابات الأمريكية خوفا من أنه إذا فاز دونالد ترامب، فسوف يخفض المساعدات إلى كييف بشكل كبير.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تعليقا على “خطة النصر” التي قدمها زيلينسكي، والتي تتضمن ثلاثة نقاط، الأولى دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف “الناتو” ، والثانية رفع القيود المفروضة على الضربات بأسلحة بعيدة المدى على الأراضي الروسية، والثالثة نشر “قوة شاملة غير نووية” في أوكرانيا “إن هذه ليست خطة، بل مجموعة من الشعارات غير المتماسكة. ووفقا لها، فإن هذه الخطة لن تؤدي إلا إلى دفع “الناتو” إلى صراع مباشر مع روسيا”.
بدوره قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن خطة السلام الحقيقية في كييف ستكون إدراك عدم جدوى السياسة التي ينتهجونها. و يعتقد المسؤول الروسي أن “خطة السلام” الجديدة لزيلينسكي قد تكرر في الواقع الخطة الأمريكية، وهي محاربة روسيا حتى آخر أوكراني. وبحسب بيسكوف، من أجل تحقيق السلام، يجب على كييف أن “تصحو” وتدرك الأسباب التي دفعتها إلى الصراع.
وفي وقت سابق، حذر الرئيس بوتين، من أن عضوية أوكرانيا في “الناتو” تشكل تهديدا لأمن روسيا، ولفت إلى أن توجه كييف نحو الانضمام للحلف كان واحدا من أسباب بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا.