لبنان.. كل شيء مجمد لما بعد زيارة لورديان
المصدر: البيان.
بعد رحلة زمنية استمرت لسنوات طويلة، تخللها مدّ وجزر، ومطبات وعثرات، وتجاذبات ومزايدات، ومشاحنات حول صلاحيات، شهد لبنان، أمس، الانطلاقة العملية لمرحلة دخوله العهد النفطي، الذي سيشكل الاختراق «اليتيم» للمشهد متعدد الأزمات، وإنْ بخلفية آمال محفوفة بحذر شديد حيال ملف بالغ الحيوية والأهمية، خصوصاً وسط الدوامة العبثية من الانشطار السياسي المقبل على الاتساع، بفعل الفراغ الرئاسي المفتوح على مزيد من المجهول والغموض. أما على الجانب الآخر، فانتظار للجولة الحاسمة الأولى من التنقيب، وتحديداً بعد نحو 67 يوماً من انطلاقته، ليبني لبنان في ضوئها على الشيء مقتضاه.
التمديد لـ«يونيفيل»
ومن بحر الجنوب إلى برّه، وتحديداً إلى موضوع التمديد لمهمّة قوّات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» سنة إضافية، والذي ستُعقد على نيّته جلسة لمجلس الأمن 31 أغسطس الجاري،لا يزال لبنان يسعى لإضفاء تعديل على قرار التمديد الذي أُقرّ العام الماضي، وذلك من خلال حذف سطريْن من النصّ القديم، واستبدالهما بسطريْن آخرين، يمنح مضمونهما قوات «يونيفيل» الحقّ في أن تذهب أينما تريد، في نطاق المناطق المسموح لها بالتجوّل في نطاقها، ولكن بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وفي انتظار ما سيكون عليه المشهد في نيويورك، 31 الجاري، فإن ثمّة إجماعاً على أن تأثير التعاطي الميداني على أرض الواقع مع قوات «يونيفيل»، والتعامل معها من قبل قوى «الأمر الواقع»، وكأنها «قوات معادية»، عدا عن تحريض اللبنانيين عليها في بعض الأحيان لإعاقة قيامها بالمهام المنوطة بها بموجب القرار 1701، هي من العوامل السلبية التي تعيق التجاوب مع مطلب التعديل المطلوب. وفي المحصّلة، هي محاولة يسعى لبنان إليها، وعينه على تبدّل الظروف التي جعلت روسيا والصين تصوّتان لصالح التعديل في المرة الماضية. فهل سيمرّ التمديد بصيغته التي أُقرّ على أساسها العام الماضي، ويكون المخرج بتجديد العمل بالمذكرة الداخلية لـ«يونيفيل»، فيُقرّ التمديد ويبقى الوضع على ما هو عليه؟
حوار سبتمبر
ومع اقتراب نهاية المهلة التي منحها الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، للنواب اللبنانيين كي يجيبوا خطياً عن سؤالين يتعلقان بمواصفات رئيس الجمهورية المقبل وبرنامج عمله، ترددت معلومات مفادها أن الأخير سيعود إلى بيروت بين 10 و12 سبتمبر المقبل، وذلك بعدما خيّر التناقضات اللبنانية بين أمرين: إما الانخراط في ما سمّاه «حوار الفرصة الأخيرة» لكسر جدار التعطيل، وإما أن يدخل لبنان مدار التخلّي الدولي عنه، وتركه متخبّطاً في أزمة لا نهاية لها، ومفتوحة على سيناريوهات كارثية.
طابع غريب
وفي وقت لاحق، برز تطور سياسي ودبلوماسي، تصاعدت تردّداته، ولا تزال، نظراً إلى الطابع الغريب الذي أثارته «سابقة» توزيع رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي على رؤساء الكتل النيابية والنواب، تمهيداً للفصل المقبل من مهمّته في بيروت سبتمبر المقبل. ذلك أن لودريان طلب من النواب أجوبة مكتوبة خطيّة على سؤالين محوريّين حول الاستحقاق الرئاسي، متجاوزاً مشروعيّة توجيه رسالة كهذه، من ممثل دولة أجنبية إلى نواب وبرلمان دولة «ذي سيادة».
علماً أنه أعاد التذكير باقتراحه عقد لقاء في شهر سبتمبر المقبل، يرمي إلى بلورة توافق بشأن التحديات التي يجب على رئيس الجمهورية المستقبلي مواجهتها، وبالمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالتالي المواصفات الضرورية. وفي انتظار جلاء الفصل الجديد من المبادرة الفرنسية الشهر المقبل،، فإن كل شيء مجمّد، عملياً، لما بعد زيارة لودريان، فيما ثمّة إجماع على أن شهر سبتمبر المقبل يشكّل خط النهاية للمسعى الخارجي، ولا يبدو في الأفق ما يؤشر إلى أيّ اختراقات.