هانيبال القذافي… 8 أعوام من دون محاكمة و8 أيام مضربٌ عن الطعام
المصدر: عماد موسى – نداء الوطن
إعلامي من لبنان
يواصل هانيبال معمّر القذافي إضرابه عن الطعام منذ الثالث من حزيران، إحتجاجاً على اعتقاله منذ العام 2015 من دون محاكمة، بعد خطفه من سوريا على يد النائب السابق حسن يعقوب (رئيس حركة النهج) ومجموعة من أربعة أو خمسة أشخاص. بعد أشهر قليلة أُطلق سراح الخاطف وأحد المشاركين الموقوفين وأبقي على المخطوف الليبي الذي وُجهت إليه تهمة كتم معلومات بشأن اختطاف الإمام موسى الصدر في ليبيا في آب 1978، وكان هانيبال يومها في الثالثة من عمره! وقيل أن أول مرة قرأ هانيبال خبراً يتعلق بقضية الإمام كانت مطلع التسعينات وذلك في أثناء وجوده في المغرب!
والمفارقة أن هانيبال القذافي تقدم بشكوى ضد من خطفه واعتدى عليه، فصدرت مذكرات توقيف بحق خمسة، بينهم المخطط والمنفّذ حسن يعقوب، والمستغرب أن من اعتدى بالضرب على هانيبال، بحسب إفادته، هو علي محمد يعقوب، الذي بقي اسمه خارج الملف والتوقيف!
تواصلت “نداء الوطن” مع الفريق القانوني الجديد للقذافي، بعدما توالى على الملف محامون، كفّ القذافي يدهم أو هم ابتعدوا طوعاً لأسباب مختلفة، بعضها سياسي. أوَليس هانيبال معتقلاً سياسياً بامتياز؟
ما هو وضعه حالياً؟
“موقوف في نظارة فرع التحقيق التابع لشعبة المعلومات، في غرفة على وجه التحديد. في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي منذ ثمانية أعوام. يستقبل زوجته اللبنانية ألين سكاف، المقيمة في سوريا، في فترات متباعدة كما يتواصل مع فريقه القانوني من دون معوقات. يوصي على طعامه من الخارج. يُعامل باحترام في مكان توقيفه”.
متماسك. صلب. واضح… وعنيد. هكذا يصفه من يتواصلون معه. وقد اتخذ قرار الإضراب عن الطعام “بعدما يئس من العدالة” ومن المسار القضائي وهو في الواقع مسار إنتقامي يدلّ إلى هيمنة بعض القوى السياسية على القضاء بطريقة سافرة… ومن زمان كتير. وحتى مساء أمس كان لا يزال مستمراً في إضرابه وهو يعاني من التهاب في الفقرتين 4 و5 ويجب إعطاؤه أدوية تحت المراقبة الطبية في المستشفى في حال قرر المضي في إضرابه، كما جاء في تقرير طبي.
لنعد إلى البداية.
في العام 1978 أُحيل ملف اختفاء الأمام الصدر ورفيقيه إلى المجلس العدلي، وآخر من تمّ تعيينه محققاً عدليّاً في القضية، خلفاً للقاضي المتنحي سميح الحاج هو القاضي زاهر حمادة (2014) وكان يومئذ يشغل موقع المحامي العام الإستئنافي في البقاع.
“بعد خطف هانيبال من سوريا في تشرين الأول 2015 ونقله إلى لبنان، تسلّمته شعبة المعلومات. فُتح محضر تحقيق وضُم إلى ملف الإمام الصدر ورفيقيه وأُبقي الرجل رهن التحقيق بتهمة إخفاء معلومات. كان يُفترض، بحسب الفريق القانوني، إنهاء التحقيق في أسابيع وإصدار قرار ظني. أو يوجّه إليه اتهام ويُحال أمام المجلس العدلي أو يُطلق سراحه فوراً”.
ولفت الفريق القانوني الى أن توقيف القذافي يتعارض مع أصول المحاكمات الجزائية ويؤكد أننا في دولة مشاعر (عدائية) لا في دولة قانون والمعروف أن القانون اللبناني ينص على أن من يصل إلى مسامعه معلومات عن جريمة فهو ملزم أن يبلّغ القضاء، ولكن القانون نفسه أعفى من عقوبة كتم المعلومات إذا كان المرتكب بين الأصول أو الفروع”. أي أن الابن لا يُعاقب بالتستر على أبيه ولا الأب إن لم يبلّغ عن جريمة ارتكبها ابنه، فكيف إذا كان الموقوف المتّهم بكتم معلومات لم يتولّ يوماً أي مسؤولية أمنية أو سياسية في النظام الليبي، والجميع يعرف اهتمامات هانيبال المتنقل من بلد إلى بلد.
جريمته أنه الابن الخامس لمعمر القذافي فقط لا غير.
“رفض المحقق العدلي طلبات إخلاء السبيل المقدمة على مدى سنوات، وهو غير ملزم قانوناً بتبرير رفضه، كما ذكر الفريق القانوني، مشدداً على أن اعتقال القذافي سياسي وإلّا لكان على الأقل صدر حكم بحقه”. ويؤكد الفريق القانوني المتابع لقضية هانيبال، أن شخصية الإمام المغيّب، “وهامته الوطنية عابرة للطوائف، وهو ضحية ظلم طاول كل لبناني. وما يحصل تشويه لقضية الإمام”.
هل يستمرّ هانيبال في إضرابه المفتوح عن الطعام؟ وهل يتغير وضعه بعد قرار المجلس الرئاسي الليبي تشكيل لجنة برئاسة وزيرة العدل حليمة ابراهيم عبد الرحمن، مكلّفة التواصل مع السلطات اللبنانية “لضمان توفير الظروف الإنسانية للمواطن هانيبال القذافي”، كما ستجري تنسيقاً مع المنظمات الدولية “لضمان التزام السلطات اللبنانية بتوفير محاكمة عادلة ونزيهة، وضمان كافة الحقوق القانونية في التقاضي”. وهذا ما يزمع الفريق القانوني على القيام به وكشف أنه سيبدأ باتصالات جديّة مع مرجعيات ومنظّمات تعنى بحقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين.
والمعروف أن مجلس الدولة الليبي جمد العلاقات الديبلوماسية مع لبنان في العام 2019 بعد منع أمن المطار رجال أعمال ليبيين من المشاركة في أحد المنتديات الإقتصادية واحتجاجاً على إهانة العلم الليبي. وبالتالي امتنعت ليبيا عن حضور القمة العربية الإقتصادية ذاك العام التي جاء فيها التمثيل أقل من هزيل.
في المحصلة لا بدّ من السؤال: أين التفتيش القضائي من هذه القضية؟ أين وزراء العدل؟ أين مدّعي عام التمييز؟ أين نادي القضاة؟ من يوقف هذا المسار الإنتقامي اليوم قبل الغد؟ ومن يتحمّل وزر وفاة موقوف؟