واشنطن بوست: زعماء العالم يجتمعون فى الأمم المتحدة التى تسعى جاهدة لإنقاذ نفسها
علقت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على الاجتماعات الجارية فى مجلس الأمن الدولى قائلة إن الخلفية التى استند إليها اجتماع زعماء العالم هذا الأسبوع فى الأمم المتحدة لا يمكن أن تكون أكثر قتامة. فالحروب والقلق المتزايد بشأن حالة الديمقراطية والانقسامات الجيوسياسية العميقة، تهز المشهد العالمي. وعلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، سينادى كبار الشخصيات مرة أخرى إلى ويتحدثون عن فضائل التعاون، غير أن المؤسسة الموقرة نفسها تكافح في مواجهة عجزها عن التعامل مع موجة متصاعدة من التحديات.
وقالت الصحيفة -في تعليق كتبه الصحفي إيشان ثاورو- إن مجلس الأمن الدولي -الذي يهيمن عليه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية- ظل موضع سخرية لفترة طويلة باعتباره كيان من الماضي، غير أن الحروب الجارية في أوكرانيا وغزة لم تؤكد سوى على عدم فعالية هذا الكيان الأكثر أهمية في صنع القرار في العالم. لقد ثبت أن اتخاذ إجراء جماعي صارم لكبح جماح حرب روسيا على جارتها بات أمرا مستحيلا مع وجود الكرملين في المجلس، في حين عملت الولايات المتحدة على حماية إسرائيل من الضغوط الدولية لأشهر، وهو الأمر الذي أدى إلى إحباط الجهود الرامية إلى فرض وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس مع ارتفاع حصيلة القتلى بينما هددت معركة إسرائيل مع حزب الله في لبنان بالامتداد إلى حرب شاملة.
وأضافت الصحيفة أنه في الواقع فإن الصراعات الناشبة في الشرق الأوسط أرهقت نظام الأمم المتحدة برمته. فالقضايا ضد إسرائيل والمسؤولين الإسرائيليين تمر عبر محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية التي تدعمها الأمم المتحدة. وقد أثبتت التحقيقات أنها مثيرة للانقسام، حيث أشادت بها بعض الحكومات باعتبارها ضرورة لإنفاذ القانون الدولي حتى في الوقت الذي وصفها المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون فيه بأنها مشاهد محملة بالتحيز، كما أن الوكالة الرئيسية للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والمعروفة ب”الأونروا” تقع في مرمى نيران إسرائيل، وهي مثقلة بالادعاءات ذات الصلة بأن جزءا صغيرا من موظفيها في غزة مرتبطون بنشاط حماس. وأدى هذا الجدل إلى خفض التمويل في حين أن الأونروا هي الجهة الأكثر أهمية لتقديم المساعدات الإنسانية وغيرها من أشكال الدعم للفلسطينيين.
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه بعيدا عن الصراعات التي تتصدر العناوين الرئيسية، فقد فشل المجتمع الدولي متمثلا في الأمم المتحدة في وقف الحرب الأهلية الكارثية في السودان والتي يبدو أنه من المرجح أن تقود إلى واحدة من أسوأ المجاعات في السنوات الأخيرة، أو التفكك المستمر لدولة ميانمار تحت حكم المجلس العسكري. (لقد رصدت منظمة أوكسفام الدولية للمناصرة الإنسانية ما يقرب من عشرين صراعًا لا يزال مستعرًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الجمود في الأمم المتحدة). كما فشلت في حل أزمات الديون المتصاعدة بعد الوباء التي ابتليت بها البلدان في العالم النامي. كما أشرفت على نزوح عدد قياسي من الناس في مجتمعات مزقتها الصراعات أو انهارت بسبب تغير المناخ.
واستشهدت الصحيفة بتعليق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في مقابلة أجريت معه مؤخرا قال فيها إن “الحقيقة هي أن مجلس الأمن فشل بشكل منهجي فيما يتعلق بالقدرة على وضع حد للصراعات الأكثر دراماتية التي نواجهها اليوم: السودان وغزة وأوكرانيا”، مضيفا أن المجلس -المثقل بالخصومات المتجددة بين القوى العظمى، يمثل “عائقا شديدا” لعمل وكالات الأمم المتحدة المختلفة في الميدان.
وقال جوتيريش -في بيان له- “لسنا بحاجة إلى كرة بلورية لنرى أن تحديات القرن الحادي والعشرين تتطلب آليات حل المشاكل الأكثر فعالية وترابطا وشمولية. إن الاختلالات الخطيرة في توازن القوى في المؤسسات العالمية لابد وأن يتم تعديلها وتحديثها ومؤسساتنا لابد وأن تستفيد من خبرة وتمثيل البشرية جمعاء”.
ومضت الصحيفة تقول إن المحللين لا يزالون يرون بصيصا من الأمل. “على الرغم من الإحباطات بشأن مدى فعالية الأمم المتحدة، كتب ستيوارت باتريك ومينه ثو فام من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى إن المنافسة بين القوى العظمى تحدد بشكل متزايد الروح السائدة في مجلس الأمن. وأوضح ريتشارد جاويان، مدير مكتب الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، في ورقة بحثية في وقت سابق من هذا العام كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى عواقب وخيمة.
واختتمت مقالها قائلة إنه من شبه المؤكد أن يتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن -خلال ظهوره الأخير كرئيس دولة في الجمعية العامة- عن الأهمية المركزية لتعزيز المؤسسات متعددة الأطراف، ودعم القواعد والأعراف الدولية، فضلا عن تعزيز الشراكات مع الحلفاء. لكنه سيواجه تشككا متزايدا من المسؤولين الذين يرون الولايات المتحدة دولة -لا سيما من خلال سلوكها أثناء حملة إسرائيل في غزة- لا تعمل بما تتحدث عنه.