هل تصطدم جهود المصالحة الفلسطينية بجدار الفشل؟
المصدر: البيان.
مساء الـ30 من يوليو الماضي، تلا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن) ، البيان الختامي لمباحثات الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، التي عقدت في مدينة العلمين المصرية، ليلخص بذلك مواقف كافة القوى السياسية الفلسطينية التي شاركت بالاجتماع، التي أجمعت على أهمية الوحدة الوطنية، وضرورة إنهاء الانقسام، الذي ألحق ضرراً بليغاً بالقضية الفلسطينية، وبالمشروع الوطني الفلسطيني برمته.
كانت تلك، المرة الأولى التي يقرأ فيها أبو مازن، البيان الختامي للقاءات المصالحة الفلسطينية، في مؤشر على جدية الفلسطينيين مجتمعين، في إنهاء الانقسام، والسعي الجاد لتحقيق الوحدة، بين أبناء الشعب الواحد.
عباس لخص في حينه الموقف الذي أجمع عليه الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية، الداعي إلى توحيد الساحة الفلسطينية سياسياً، وجغرافياً، قبل التوجه إلى المجتمع الدولي، نحو إيجاد حل عادل، وشامل، للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لاسيما أن القضية الفلسطينية سجلت تراجعاً في السنوات الأخيرة، في خضم زحمة الأحداث، والملفات، والصراعات الدولية.
كان واضحاً، أن هناك تبايناً في مواقف السلطة الفلسطينية، وبعض الفصائل، التي فضلت الانسحاب من المباحثات، لكن في المجمل، كان هناك ارتياح من مخرجات اللقاءات، يصطف في مقدمتها: الدعوة الفورية إلى تشكيل لجنة منبثقة عن الفصائل الفلسطينية كافة، تتولى متابعة الحوارات، والقضايا، التي تم طرحها في «اجتماعات العلمين»، وتوفير الدعم لمنظمة التحرير الفلسطينية بعدما حظيت بالاعتراف من غالبية دول العالم، كـ«ممثل شرعي وحيد» للشعب الفلسطيني.
أياً كانت النتائج، تعتبر «لقاءات العلمين» بمثابة خطوة أولى مهمة، نحو استعادة الوحدة الفلسطينية، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، إلا أن قراءات المراقبين، أجمعت على أن العبرة تبقى في مدى التطبيق والتنفيذ على الأرض، وعدم تمترس المنقسمين كل برؤيته ومواقفه، بحيث يتم تعزيز النقاط المتفق عليها، وتغليب لغة الحوار حيال نقاط الاختلاف.
ووفق الكاتب والمحلل السياسي، هاني المصري، هناك أسباب عدة دفعت إلى «لقاءات العلمين»، منها: ظهور السلطة الفلسطينية في «موقف الضعيف، الذي لا حول له ولا قوة حيال الأحداث الأخيرة»، وتبعثر أوراق قوى المعارضة، التي لم تتفق فيما بينها على رؤية مشتركة.
إذ يرى المصري أن عدم النجاح في إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، يعود إلى الاختلاف في الرؤى، وتصارع السلطة، والقيادة، مع عدم وجود تهديد جدي للمتنازعين، بنشوء طرف ثالث، أو حراكات قوية من خارج السلطتين.
أما الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم أبراش، فاعتبر أن تشكيل لجنة لمتابعة ما تم الاتفاق بشأنه في «لقاءات العلمين»، لا يدلل على إحداث تقدم في ملف المصالحة، حيث إن الأمور تتجه نحو إدارة الانقسام، وليس لإنهائه.وعزا أبراش السبب في عدم التوصل إلى اتفاق، إلى اقتصار المباحثات على فصيلين (في إشارة إلى حركتي «فتح» و«حماس»)، مع «تواجد شكلي» لبقية القوى السياسية، فضلاً عن وجود طبقة سياسية مستفيدة من الانقسام، تعمل على إدامته، «ناهيك عن أن الطبقة السياسية، بكل مكوناتها، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، أصبحت عاجزة، وغير أمينة»، وفق تعبيره. وبالاستناد إلى قراءات المراقبين والمحللين، فإن إعادة توحيد الضفة الغربية، وغزة، تحت قيادة وحكومة واحدة، يحتاج قبل كل شيء إلى توافق بين المتسببين في الانقسام، والتخلي عن المصالح الشخصية، والفئوية، والحزبية، والتوجه نحو سمو المصلحة الوطنية العليا.