المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

المقر: لندن - المكتب الاقليمي: القاهرة

أخبار عربية

لبنان يحيي الذكرى السنوية الثالثة لانفجار المرفأ.. والعدالة معطّلة

المصدر: أخبار الخليج.

سار‭ ‬المئات‭ ‬يتقدّمهم‭ ‬أهالي‭ ‬ضحايا‭ ‬انفجار‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت‭ ‬عصر‭ ‬أمس‭ ‬باتجاه‭ ‬موقع‭ ‬الكارثة،‭ ‬التي‭ ‬يحيي‭ ‬لبنان‭ ‬ذكراها‭ ‬السنوية‭ ‬الثالثة،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬العدالة‭ ‬معطلة‭ ‬جراء‭ ‬تعليق‭ ‬التحقيق‭ ‬بفعل‭ ‬تدخلات‭ ‬قضائية‭ ‬وسياسية‭.  ‬

في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2020،‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ ‬السادسة‭ ‬وسبع‭ ‬دقائق،‭ ‬دوى‭ ‬انفجار‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬حصد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬220‭ ‬قتيلاً‭ ‬وتسبّب‭ ‬بإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6500‭ ‬شخص‭ ‬بجروح،‭ ‬وأحدث‭ ‬دمارا‭ ‬واسعا‭ ‬في‭ ‬المرفأ‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬أحياء‭ ‬العاصمة‭. ‬

وعند‭ ‬قرابة‭ ‬الساعة‭ ‬الرابعة‭ ‬عصراً،‭ ‬بدأ‭ ‬أهالي‭ ‬الضحايا‭ ‬وناشطون‭ ‬التجمّع‭ ‬أمام‭ ‬مقرّ‭ ‬فوج‭ ‬الإطفاء‭ ‬في‭ ‬الكرنتينا‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬العدالة‭ ‬رغماً‭ ‬عنهم،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬والمحاسبة‭… ‬مستمرون‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬الانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬المرفأ‭. ‬

قبالة‭ ‬المرفأ،‭ ‬وقف‭ ‬المشاركون‭ ‬دقيقة‭ ‬صمت‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ ‬السادسة‭ ‬وسبع‭ ‬دقائق،‭ ‬لحظة‭ ‬وقوع‭ ‬الكارثة،‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬صفارات‭ ‬البواخر‭ ‬الراسية‭ ‬في‭ ‬المرفأ‭. ‬وتلا‭ ‬متحدث‭ ‬باسم‭ ‬الأهالي‭ ‬أسماء‭ ‬الضحايا‭ ‬تباعاً‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬التصفيق‭ ‬والدموع‭. ‬

وحمل‭ ‬المشاركون‭ ‬الذين‭ ‬اتشح‭ ‬بعضهم‭ ‬بالسواد‭ ‬صور‭ ‬أحبائهم‭ ‬ورايات‭ ‬سوداء‭. ‬كما‭ ‬رفعوا‭ ‬علماً‭ ‬لبنانياً‭ ‬ملطخاً‭ ‬بالأحمر‭. ‬وحمل‭ ‬آخرون‭ ‬علماً‭ ‬عملاقاً‭ ‬كتب‭ ‬عليه‭ ‬قسم‭ ‬بالنضال‭ ‬حتى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭. ‬

وتقدّمت‭ ‬المسيرة‭ ‬آلية‭ ‬لفوج‭ ‬الإطفاء‭ ‬عليها‭ ‬صور‭ ‬لعناصر‭ ‬الفوج‭ ‬العشرة‭ ‬الذين‭ ‬سارعوا‭ ‬لإخماد‭ ‬حريق‭ ‬في‭ ‬المرفأ‭ ‬سبق‭ ‬وقوع‭ ‬الانفجار‭. ‬وكتب‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬اللافتات‭ ‬‮«‬تسقط‭ ‬جميع‭ ‬الحصانات‭. ‬لن‭ ‬ننسى،‭ ‬لن‭ ‬نسامح‮»‬‭. ‬

وردد‭ ‬المشاركون‭ ‬هتافات‭ ‬عدة‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬لن‭ ‬ننسى،‭ ‬لن‭ ‬ننسى،‭ ‬دم‭ ‬الشهداء‭ ‬لن‭ ‬ننسى‮»‬‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬أغان‭ ‬وأناشيد‭ ‬وطنية‭. ‬

ومنذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬عزت‭ ‬السلطات‭ ‬الانفجار‭ ‬إلى‭ ‬تخزين‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬نيترات‭ ‬الأمونيوم‭ ‬داخل‭ ‬المرفأ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اجراءات‭ ‬وقاية‭ ‬إثر‭ ‬اندلاع‭ ‬حريق‭ ‬لم‭ ‬تُعرف‭ ‬أسبابه‭. ‬وتبيّن‭ ‬لاحقاً‭ ‬أن‭ ‬مسؤولين‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬عدة‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بمخاطر‭ ‬تخزين‭ ‬المادة‭ ‬ولم‭ ‬يحركوا‭ ‬ساكناً‭.  ‬

وإثر‭ ‬الانفجار،‭ ‬عينت‭ ‬السلطات‭ ‬القاضي‭ ‬فادي‭ ‬صوان‭ ‬محققاً‭ ‬عدلياً،‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تمت‭ ‬تنحيته‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭ ‬إثر‭ ‬ادعائه‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬حينها‭ ‬حسان‭ ‬دياب‭ ‬وثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬سابقين‭ ‬بتهمة‭ ‬‮«‬الإهمال‭ ‬والتقصير‭ ‬والتسبّب‭ ‬بوفاة‮»‬‭ ‬وجرح‭ ‬مئات‭ ‬الأشخاص‭. ‬

واصطدم‭ ‬خلفه‭ ‬القاضي‭ ‬طارق‭ ‬بيطار‭ ‬بالعراقيل‭ ‬ذاتها‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬عزمه‭ ‬على‭ ‬استجواب‭ ‬دياب،‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬إطلاقه‭ ‬مسار‭ ‬الادّعاء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬السابقين،‭ ‬بينهم‭ ‬نواب،‭ ‬وعلى‭ ‬مسؤولين‭ ‬أمنيين‭ ‬وعسكريين‭. ‬

وامتنع‭ ‬البرلمان‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬رفع‭ ‬الحصانة‭ ‬عن‭ ‬النواب‭ ‬المذكورين،‭ ‬ورفضت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬منحه‭ ‬إذناً‭ ‬لاستجواب‭ ‬قادة‭ ‬أمنيين‭ ‬ورفضت‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‭ ‬كذلك‭ ‬تنفيذ‭ ‬مذكرات‭ ‬توقيف‭ ‬أصدرها‭. ‬وغرق‭ ‬التحقيق‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬السياسة‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬قضائية‭ ‬بعدما‭ ‬حاصرت‭ ‬بيطار‭ ‬عشرات‭ ‬الدعاوى‭ ‬لكف‭ ‬يده،‭ ‬تقدم‭ ‬بغالبيتها‭ ‬مسؤولون‭ ‬مُدّعى‭ ‬عليهم‭. ‬

وخلال‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬عام،‭ ‬تمكّن‭ ‬بيطار‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬رسمياً‭ ‬لقرابة‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط،‭ ‬تعرّض‭ ‬خلالها‭ ‬لضغوط‭ ‬أنذرت‭ ‬بأزمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬القضائي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعدما‭ ‬أحبط‭ ‬مدعي‭ ‬عام‭ ‬التمييز‭ ‬غسان‭ ‬عويدات‭ ‬محاولته‭ ‬استئناف‭ ‬التحقيقات‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭. ‬

وكان‭ ‬بيطار‭ ‬استأنف‭ ‬تحقيقاته‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2023‭ ‬بعد‭ ‬13‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬تعليقها،‭ ‬وقرّر‭ ‬الادّعاء‭ ‬على‭ ‬ثمانية‭ ‬أشخاص‭ ‬جدد‭ ‬بينهم‭ ‬عويدات،‭ ‬وحدّد‭ ‬مواعيد‭ ‬لاستجواب‭ ‬13‭ ‬شخصاً‭ ‬مدعى‭ ‬عليهم‭. ‬

لكن‭ ‬عويدات‭ ‬تصدى‭ ‬له‭ ‬بالادعاء‭ ‬عليه‭ ‬بـ«التمرد‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬واغتصاب‭ ‬السلطة‮»‬،‭ ‬وأصدر‭ ‬منع‭ ‬سفر‭ ‬في‭ ‬حقه،‭ ‬وأطلق‭ ‬سراح‭ ‬جميع‭ ‬الموقوفين‭. ‬

إزاء‭ ‬ذلك،‭ ‬تراجع‭ ‬بيطار‭ ‬عن‭ ‬المضي‭ ‬بقراراته‭. ‬

وقال‭ ‬مصدر‭ ‬قانوني‭ ‬مواكب‭ ‬للملف‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويته،‭ ‬إن‭ ‬ملف‭ ‬التحقيق‭ ‬‮«‬قيد‭ ‬المتابعة‮»‬‭ ‬من‭ ‬بيطار،‭ ‬رغم‭ ‬الدعاوى‭ ‬التي‭ ‬تلاحقه‭ ‬وتعلّق‭ ‬عمله‭ ‬رسمياً‭.  ‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬رغم‭ ‬غيابه‭ ‬عن‭ ‬أروقة‭ ‬قصر‭ ‬العدل،‭ ‬يُصر‭ ‬بيطار‭ ‬على‭ ‬استكمال‭ ‬مهمته‭ ‬حتى‭ ‬اصدار‭ ‬قراره‭ ‬الظني‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬عائلات‭ ‬الضحايا‭ ‬التي‭ ‬تعقد‭ ‬آمالها‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلوغ‭ ‬العدالة‭. ‬

ويُعد‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬الرافضين‭ ‬لعمل‭ ‬بيطار‭ ‬والمطالبين‭ ‬بعزله‭.  ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى